لم أر في الموضوع إلا شتما وسبا للرجل قبل أن يبدأ عمله , وقبل أن نرى ثمرات أدائه إما سلبا أو إيجاباً .
الله تعالى أمرنا بالعدل والإنصاف حتى مع الأعداء , فما بالنا ننسى كل هذا الأمر ونقحم أنفسنا في أعراض المسلمين وكأنها حِمىً مستباح ؟؟
أعجبني رد الأخت ( بنت بلادن ) فقد كان ردا رصينا , ورأيها في مسألة الجائزة كنت أتناقش فيه أنا وصديق لي مساء البارحة , فكان رأيي أن مسألة الجائزة لا تؤخذ بظاهرها , وإنما المراد بها التشنيع على المتعاون مع الهيئة دون إذن .
نعم أخالفه في طريقة التعبير , وفي بعض الحيثيات حين الحديث عن المتعاونين والمحتسبين , لأنه لا يمكن لشخص أن يتعاون مع رجال الهيئة إلا برضا رجال الهيئة أنفسهم وبمعرفة رؤساء الفروع .
ثم إن المتعاونين والمحتسبين نوعان :
نوع يمارس عمل الهيئة بالضبط , فيدخل الأسواق ويتصرف مع المخالفات كما لو كان رجل هيئة , وهذا غير مقبول شرعا , لأن الإنكار باليد في غير الملك من خصائص ولي الأمر أو من يوليه , وهذا الرجل لم يولّ على شيء فليس له سبيل على الناس .
ونوع آخر محتسب يأمر وينهى بالحسنى , إذا رأى شيئا في طريقه , وهذا غير داخل في كلام الوزير نهائيا , لأن هذا من صلب عمل الأمة أجمع , ولا يعذر أحد بتركه , وليس من خصائص هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
سأعطيكم مثالا يقرب المسألة :
الآن المساجد والجوامع وضعت للصلاة , ولها وزارة كاملة , وفيها أنظمة وقوانين صارمة , ولذلك ليس من حق أحد أن يتقدم في أي مسجد ويصلي بالناس , فالمسألة فيها نظام , وكل مسجد له إمام خاص به , لكن هل وزارة الشؤون الإسلامية لها علاقة بالصلاة نفسها , وهل تستطيع أن تنظمها للناس ؟؟
طبعا لا , فأنا إمام مسجد منذ 17 عاما , وأقرأ في صلاتي ما شئت إما طولا وإما قصرا , ولم يتدخلوا في هذا الأمر , لأن هذه عبادة لا شأن لهم بها , وحين أقرر الجمع في البرد أو المطر فإني لا أنتظر إذنا من الأوقاف , لأني أمارس شريعة وشعيرة ..
لكن حينما أريد الغياب أو السفر أو توكيل أحد فيجب علي مراجعة الدائرة الحكومية التي أنضوي تحت لوائها ؟
هذا هو الفرق !
فكذلك الأمر في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
نعم , يجب على الوزير حينما منع المحتسبين أن يوجد البديل الرسمي , وألا يترك الأمر عائما ثقيلا على الأعضاء ..
بالنسبة للإغلاق المحلات بعد الأذان ؟؟
الأخت قصية أصلحها الله خاضت فيما تجهل , وتكلمت بلا علم فزلّ بها القدم في هذه المسألة ..
البيع بعد الأذان جائز شرعا ولا دليل على منعه , وهو منعقد صحيح
وإنما المحرم هو البيع بعد أذان الجمعة الثاني فقط , بنص القرآن " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع "
فالنص بتحريم البيع بعد الأذان إنما هو في يوم الجمعة لصلاة الجمعة فقط , وليس لجميع الصلوات , وعلى هذا قول الفقهاء .
أما إغلاق المحلات فليس لأن البيع محرم , ولكن لئلا يؤدي ذلك إلى تضييع الصلوات والتساهل بها , وهذا أمر حسن ومحمود سارت عليه هذه البلاد بحمد الله , وهو ناتج عن إعمال المصالح المرسلة والاستحسان , وليس بدليل نصي صريح .
والوزير ذكر أن هذا الأمر ليس من اختصاص الهيئة , وهو محق في ذلك , فالهيئة من عملها تنفيذ آليته , وليس من عملها إصدار قرار بألغائه , لأنه أثبت من ولي الأمر بعد مشورة أهل العلم ..
وفي النهاية ..
نحن لا نوافق الوزير في كثير من توجهاته , ولكن لا يعني أن نشن سياط ألسنتا في شتمه والنيل منه ومن عرضه وأسرته , فنحن أضعف من حمل ذنوب أخرى فوق ظهورنا ..
نعم يجب أن ننقد بأسلوب حضاري صحيح , دون الشتم والسب , وأن يكون بعلم راسخ
فإن لم نكن قادرين على ذلك , فلنُسْنِد الأمر إلى أهله فقد كُفينا ....
والسلام عليكم .