في كثير من التجمعات تكون مادة الحديث وعنوانه هي الطنزه والعياره والاستهزاء
الصريح والمبطن للغائب وللحاضر ... وكم هو مؤلم ان يستهزاء بك الاخرون ..
او يستهزؤ باحد اهلك .. انه الطعن بسكاكين القول .. والقطع بسواطير الكلام ..
التى تجرح النفس وتجعلها تلصق بالرغام ..
الاستهزاء والانتقاص من الاخرين يجرح الشعور .. وينمي الكراهيه .. ويولد احتقار
الذات وقد قالت العرب قديما ان جرح الكلمه اشد من جرح الجسد .. ووخز اللسان
اشد من وخز الابر .. ومنطق الكلمه اشد من ضربة السيف ..
ضعفاء العقول والمعتوهين هم الماده الدسمه لاهل الطنز والعياره .. وكان الناس في
السابق يمدحون من يجمع حوله بعض المعتوهين واصحاب النوايا السليمه .. ثم يستهزي
بهم ويعمل لهم المقالب والمطبات .. وتتخذ هذه من نوادر المجالس .. وفكاهيات الناس .
ويوصف هذا الرجل باحسن الاوصاف واجملها .. ويحرص الناس على مصاحبته والجلوس
معه حتى يتكلم لهم عن نوادر الحمقي والمغلفين .. وكيف لعب عليهم وضحك على عقولهم ..
لكننا لم نفكر بوالد المعتوه واخوانه واهله .. اليس يجرحهم الاستهزاء بابنهم واخيهم ؟؟
ان علماء الاجتماع ذكروا ان من الامراض الاجتماعيه عقده ( الوصم ) الاجتماعي
وهي ان تكون مادة للتندر والتنكيت والاستهزاء بالمجلس .. وهي تحمل على الشك
في القدرات وضعف الثقه في النفس .. والهرب عن المجالس خشية الاستهزاء
في المجالس يختار الطرف الاضعف .. ثم تصب عليه حمم المستهزئين ورصاصهم ..
حتى يتمايل اهل المجلس من الضحك .. وربما يستلقون على ظهورهم .. والمستهزي به
يتجرح ضيم الذل والهوان .. وفقدان الكرامة والاحترام ... حتى يلتصق خشمه بالرغام ..
وربما تسمع شي من الطنزه المغلفه التي تكون بالنبرات الحاده .. والنظرات الجارحه
والاقوال الملتويه .. والحيل المكشوفه ... التي تبعث في نفسك ان هناك ضحيه يلعب عليها
اهل المجلس بصفه غير مكشوفه .. ويتأمر عليها من في المجلس بدون خوف من الله
ولا حياء من خلقه ..
العدوانيه على الاخرين والاستهزاء بهم وجعلهم مادة للتندر والضحك .. لا يعلمها
الا من كان هو او احد اهله مادة للتندر بين الناس .. انها سم ناقع .. وجرح غائر
في نفس المستهزىء به ..
وعقوبة الله في هولاء المستهزئين معروفه فقد كان من السنن الالهيه التي جرت
على السنه العوام مقوله ( الطنزه مدتن باليد ) و ( من تطنز باحد ابتلي بمثله )
وكان العامه يدعون ( الله يعافيهم ولا يبلانا )
وفي الحديث عند الترمذي وغيره ( لا تظهر الشماته باخيك فيرحمه الله ويبتليك )
فاصله
لا يتطنز بالناس الا ارداهم .. ومن تطنز بغيره ابتلي ..
والسعادة احترام الكبير والصغير ومرعاة الناس ومشاعرهم